الروابط الشعبيّة غير الرسمية كأداة بديلة لمشاركة المجتمعات المحليّة في إدارة العمران في ظل غياب المجالس المحليّة

العودة للمجلّة >

محمد الملواني

في ظل معاناة المدينة المصرية من مشاكل عمرانيةً عديدة، ما بين تردي البنية التحتية وشبكات المواصلات العامة، ونقص الخدمات وصعوبة الوصول إليها في حال توافرها، وكذلك نقص الفراغات العامة المفتوحة وسوء إدارة الفراغ العام عمومًا، يظل حق المواطن في المدينة غائبًأ ورأيه متجاهَلًأ. ظهر ذلك مؤخرًا بوضوح في حي مصر الجديدة أثناء إقامة مشروعات مرورية تتمثل في إنشاء عدد من كباري السيارات بهدف تطوير المنطقة وربطها بمحاور المدينة الرئيسية، وهو ما قوبل بالاستهجان من قبل سكان الحي. فبالإضافة إلى تشويه كتل الكباري الخرسانية للمظهر العمراني للحي، وتوسعة الطرق التي زاد من إمكانية عبورها صعوبةً، فقد تم إزالة عدد كبير من الأشجار بالشوارع التي تم العمل فيها بمساحات قدرها البعض بـ 90 فدانًا (حوالي 378000 م2). ذلك الرفض ظهر واضحًا خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وموقع فيسبوك تحديدًا، حيث نشر العديد من سكان المنطقة صور عملية إزالة الأشجار من شرفات منازلهم، وكذلك مقارنة شكل الشوارع قبل الإزالة وبعدها، وأيضًا تصوير فيديوهات لوضع الشوارع بعد التغييرات المرورية التي صاحبت تلك المشروعات.

دستوريًا، إن للمواطن المصري حق في إدارة مدينته من خلال المجالس المحلية المنتخبة لكل وحدة محلية (محافظة ومدينة وحي وقرية). تختص تلك المجالس "بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على السلطة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية"، بحسب المادة 180 من الدستور.

لكن المجالس المحلية لا تزال غائبة منذ قرار حل المجالس الشعبية المحلية عقب ثورة يناير 2011. هذا الغياب هو ما جعل إدارة وتصميم العمران من مسؤولية الحكومة قصرًا في غياب أي مشاركةٍ مجتمعيةٍ جادة أو رقابة على أداء الإدارة المحلية. فبالإضافة إلى أهمية وجود تلك المشاركة، فإن السياسات العمرانية الحكومية غالبًا ما تتجاهل الاحتياجات الأساسية للمجتمعات المحلية وأسلوب معيشتهم.

قبل ثورة يناير 2011، سواءًا كانت المجالس المحلية الشعبية المنتخبة آنذاك يسيطر عليها أعضاء في الحزب الوطني الحاكم وقتها، أو أفرادًا من ذوي النفوذ في مناطقهم، فإن المشاركة الانتخابية الفعلية فيها كانت صورية تمامًا.

أما الوضع الحالي، فإن مواد الدستور الخاصة بالمجالس المحلية تظل غير مفعّلة لعدم إقرار قانون الإدارة المحلية الجديد حتى الآن، على الرغم من الوعود الحكومية والبرلمانية المتكررة باقتراب إقراره، وأيضًا رغم انتهاء مدة الخمس سنوات التي نص عليها الدستور الحالي في المادة 242 كحد أقصى لتطبيق نظام الحكم المحلي المذكور فيه، وهو ما يعني استمرار غياب المشاركة المجتمعية القانونية إلى أجلٍ غير مسمى.

وعلى الرغم من غياب مشاركة المجتمعات المحلية من خلال قنوات المشاركة القانونية، فإن بعض المجتمعات المحلية نجحت في تنظيم نفسها من خلال مبادرات وروابط غير رسمية في عدد من مناطق القاهرة، واتخذت موقف قوة في التواصل مع الدولة للمشاركة في اتخاذ قرارات في إدارة عمرانها. فما هو مدى نجاح تلك المبادرات في تحقيق أهدافها؟

من أبرز تلك المبادرات مبادرة تراث مصر الجديدة. يشير أحمد منصور، وهو عضو مؤسس بمبادرة تراث مصر الجديدة، أثناء حوار معه أثناء كتابة هذا المقال، إلى أن المبادرة أنشئت في ديسمبر 2011 عن طريق عدد من سكان المنطقة من ذوي الخلفيات المهنية المختلفة، في أعقاب ثورة يناير كـ grassroot initiative (حركة شعبيّة). تركّز المبادرة بقوة على 5 أعمدة رئيسيّة: حماية التراث العمراني والمعماريّ، تحسين استخدام الحدائق والمناطق الخضراء، الاهتمام بالتراث والأنشطة الثقافية، المرور والنقل والمواصلات، وتحديّات إدارة النفايات والنظافة في مصر الجديدة .

يرى منصور أنه بعد [ثورة] 2011 ساد شعور بالانتماء لمصر الجديدة عند سكان المنطقة، وأن الرؤية الأساسية لأعضاء المبادرة كانت الحفاظ على جودة الحياة لسكان مصر الجديدة، خصوصًا من حيث العقارات إللي كانت تهدم بشكل متسارع خلال 2011 لتحل محلّها عقارات أكبر تؤثر على البنية التحتية والمرور بالمنطقة.

صورة (1) – أحد البيانات الصادرة عن المبادرة والمنشورة من خلال صفحة المبادرة على فيسبوك

كما يرى منصور أن للمبادرة نجاحات متعددة في التواصل مع جهات الحكومية المختلفة، ولكنه يلاحظ أن هذا التفاعل تراجع بالتدريج، فالجهات الحكومية أصبحت تتعامل بأسلوب امتصاص الغضب، حسب وصفه، ضاربًا المثل بإزالة خطوط ترام مصر الجديدة، وهي قضية كان لها اهتمام بالغ من قبل المبادرة، حيث قامت المبادرة بالتواصل مع المحافظة ووزارة النقل وهيئة النقل العام، كما تواصلت المبادرة مع البنك الأوروبي للاستثمار لبحث إمكانية تمويل دراسة لتطوير الترام. يعتقد منصور أن كان هناك شبه إجماع بين المسؤولين على عدم إزالة الترام، ولكن سكان مصر الجديدة فوجئوا بإزالته.

تضم منطقة مصر الجديدة، أحد أقدم أحياء القاهرة، العديد من المباني ذات الطابع التراثي المميز، إلّا أن العديد تلك المباني تعرضّت لمحاولات الإزالة والتشويه على الرغم من أن بعضها مسجّل كمبنى تراثيّ ، وهو ما حاولت المبادرة التصدي له منذ بداية تكوينها. يشير منصور إلى برنامج تم العمل به من قبل المبادرة باسم "عيون مصر الجديدة"، يقوم على التفاعل المباشر مع قاطني مصر الجديدة، حيث يقوم السكان بتصوير أية أعمال هدم أو تشويه للمباني التراثية، أو أية تجمعات قمامة أو أعمدة إنارة غير مضاءة على سبيل المثال، وتقوم الصفحة باستقبال تلك المشاركات عبر مجموعة (group) "Heliopolis Eyes" (عيون مصر الجديدة)، وإعداد تقرير بتلك المخالفات وإرساله إلى مسؤولي الحيّ والمحافظة والهيئة العامة للتنسيق الحضاري (صورة 2) .

تعتبر صفحة مبادرة مصر الجديدة على فيسبوك المنصة الرئيسية التي تقوم من خلالها المبادرة بالإعلان عن أنشطتها وإصدار البيانات الصادرة منها (صورة 1) ، أو التفاعل مع سكان المنطقة، من خلال مشاركات قاطني مصر الجديدة في منشوراتهم على الصفحة أو من خلال التعليقات على المنشورات التي تقوم المبادرة بنشرها عبر الصفحة التي يفوق عدد متابعيها 27000 متابع.

صورة (2) – تقرير عيون مصر الجديدة لشهر نوفمبر 2016

يقرّ أحمد منصور أن المبادرة واجهت العديد من الإخفاقات، ولكنه يرى أن عيون مصر الجديدة من الأنشطة الناجحة للمبادرة، " كنا بنروح كل أسبوعين اجتماع في الحي ومعانا [قائمة] بالحاجات إللي بتحصل، بنتأكد إيه إللي حصل في الحاجات القديمة وإيه إللي هيحصل في الحاجات البعد كده"، يقول منصور. مشيرًا إلى أنه كان هناك العديد من الاستجابات تجاه الشكاوى المقدمة.

لا شك في ان استخدام المبادرة لصفحتها على فيسبوك لاستقبال المقترحات والشكاوى التي تم عرضها ضمن برنامج عيون مصر الجديدة ساعدها على النجاح في التواصل مع السكان بشكل أكثر نجاحًا.

في سبتمبر الماضي، شهدت منطقة مصر الجديدة بناء خمسة كباري للسيارات وإقامة توسعات بعدد من الشوارع الرئيسية وعمل العديد من التحويلات المرورية (صورة 3) ، وذلك بهدف حل مشكلة التكدس المروري للحي بحسب الدكتور إبراهيم صابر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقيّة . تقف المبادرة بقوة ضد المشروع منذ بدايته، وقامت بنشر العديد من الصور والفيديوهات التي ترصد إزالة الأشجار من شوارع أبو بكر الصديق والميرغني وميدان الإسماعيليّة، وقامت بالدعوة لاجتماع سكاني لمناقشة المشروع خلال الصفحة لسكان الحيّ للتشاور حول المشروع (صورة 5) ، وبالفعل تم الاجتماع في أحد المقرات بشارع أبو بكر الصديق (صورة 4) .

صورة (3) – الكباري المقترح إنشائها خلال المشروع

صورة (4) – صورة للـ event الخاص بالدعوة للقاء السكاني

صورة (5) – الحضور أثناء اللقاء السكاني لمناقشة مشكلة الكباري

وبعد الاجتماع، تم إصدار عدد من التوصيات وتم الإعلان عنها على صفحة المبادرة ، وأهمها التواصل مع جهاز شؤون البيئة لمعرفة إذا ما تم عمل دراسة أثر بيئي للمشروع من عدمه ومعرفة نتائجها، وتشكيل لجنة من المتخصصين لدراسة بدائل للكباري الخمسة، وطلب الاجتماع مع الهيئة الهندسيّة للقوات المسلّحة (الجهة المنفذة للمشروع) لمناقشتهم في المشروع وطرح البدائل، وذلك من خلال التواصل مع عضو مجلس الشعب عن مصر الجديدة (صورة 6) .

صورة (6) – توصيات اللقاء السكاني لمناقشة مشكلة الكباري

لم تنجح جهود المبادرة في عرقلة تنفيذ تلك المشروعات، وبالفعل تم الانتهاء من تنفيذ معظمها، وتقوم الصفحة بنشر النتائج السلبية لتلك المشروعات، من حوادث مروريّة عند الكباري الجديدة والشوارع التي تمت توسعتها لتصل إلى 8 حارات في بعض الشوارع، بالإضافة إلى الازدحام الشديد نتيجة التحويلات المرورية الجديدة التي صاحبت المشروع. وفي يناير الماضي تمت دعوة المبادرة لحوار مجتمعي مع وزيرة البيئة واستشاري الطرق الذي خطط تلك المشروعات، وكونت المبادرة لجنة منبثقة من تلك الجلسة تضم "أبناء ضاحية مصر الجديدة منهم خبراء أكاديميين في التخطيط العمراني و الطرق والعمارة، وممثلي الجمعيات العلمية والمجتمع المدني" لتقديم توصيات لمعالجة آثار تلك المشروعات.

من بين تلك المبادرات أيضًا، اللجنة الشعبية لميت عقبة، التي تكونت كذلك بعد ثورة يناير 2011 عن طريق عدد من سكان منطقة ميت عقبة. يوضح محمد دعبس، عضو مؤسس باللجنة، خلال مشاركته في ورشة عمل بعنوان: دور المبادرات المحلية في التنمية العمرانية ، من تنظيم مبادرة تضامن، أن اللجنة هي جماعة ضغط محلي، تعمل على الضغط على المسؤولين في الحي أو المحافظة أو أي من الجهات الحكومية لحل مشكلة ما، وذلك بعد جمع المشاكل التي تعاني منها ميت عقبة من سكان المنطقة، ووضع تصورات لحل تلك المشاكل.

أشار دعبس أن بعد حدوث أزمة نقص أنابيب البوتجاز، رأت اللجنة أن الحل الجذري للمشكلة هو إدخال الغاز الطبيعي للمنطقة، وبالفعل قامت اللجنة بدور حلقة الوصل بين شركة الغاز الطبيعي والحي والمحافظة، حتى تم إزالة المعوقات ليتم بالفعل مد المنطقة بالغاز الطبيعي.

اللافت للنظر هنا أن اللجنة نجحت في صياغة هدف أعم ردّا على مشكلة نقص الأنابيب، وهو ما يختلف عن سياسات وممارسات الدولة التي تقوم بمعالجة آثار المشكلة دون محاولة الوصول لأسبابها الحقيقية. كما أشار دعبس إلى تجربة رصف عشرة شوارع داخلية بالمنطقة ببلاط الإنترلوك ، فعندما رأت اللجنة تجربة بمنطقة إمبابة لرصف شوارع بالإنترلوك، تم عرض تلك التجربة على محافظة الجيزة لبحث إمكانية تطبيقها بشوارع المنطقة، وحدثت اجتماعات بهذا الخصوص مع رئيس الحيّ، الذي ذكر وجود ميزانية من صندوق "تالف الرصيف"، وهو المخصص لرصف الشوارع بالأسفلت، فبدأ أعضاء اللجنة بالتفاوض مع الحي على تخصيص مبلغ ماليّ من ذلك الصندوق لرصف الشوراع بالإنترلوك، "الأسفلت مكلف جدًا عن البلاط، فبدأ التفاوض من هنا إننا نحول المخصص ده لمخصص للبلّيط، بدل ما نعمل شارع واحد بالفلوس إللي موجودة دي [بالأسفلت]، هنعمل عشرة"، يقول دعبس.

وبالفعل تم تنفيذ المشروع في عشرة شوارع، وهو ما لاقى تشجيعًا كبيرًا من سكان تلك الشوارع، إلى حد مشاركة العمّال في التنفيذ (صورة 7) .

صورة (7) – العمل أثناء تبليط الشوارع بالإنترلوك

يرى دعبس أن "المبادرات الشعبية لازم تتدخل وتشوف ميزانية الحي بتتقسم إزاي"، وهو الأمر الذي ساعد اللجنة في العمل مع الحي على إيجاد مخصصات لمشروعهم المقترح.

بالطبع فإن هناك اختلاف كبير بين منطقتي مصر الجديدة وميت عقبة، من حيث نشأة المنطقة والمستوى الاقتصادي للسكّان والمشاكل المختلفة التي تعاني منها كل منطقة، فمبادرة تراث مصر الجديدة تركز بشكل كبير على الحفاظ على تراث المنطقة المميز التي ينتمي معظم سكانها لأبناء الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة، في حين أن في ميت عقبة، فإن البنية التحتية والخدمات هي المشكلة الأكبر، ولكن المشترك بين المبادرتين هو توافر الرغبة لدى منشئيها في تحسين ظروف المعيشة في مناطقهم، وهو ما يدلّ على أن مطلب الحق في المدينة هو مطلب عام باختلاف المناطق وظروفها. وهو ما بدأ في الظهور حتى في المدن الجديدة، وبالتحديد في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة في الحراك ضد تخصيص جزء من حديقة زايد المركزية لمشروع عدد من الأبراج السكنية، وهو ما يرفضه عدد من سكان المنطقة، لينشؤوا مجموعة (group) عبر موقع فيسبوك تحت إسم "#لا_ لابراج_ زايد" لتنظيم ذلك الحراك، الذي من خلاله قاموا برفع دعوى قضائية لإيقاف المشروع، ويقوم أعضاء المجموعة بمناقشة تطورات الدعوى القضائية ومتابعة تنفيذ المشروع. وكذلك تكوّن مجلس عائلات الورّاق لمواجهة محاولات الحكومة لإخلاء جزيرة الورّاق من سكانها لإنشاء مشروع استثماري فاخر بها، ذلك المجلس الذي تم تشكيله بالانتخاب بين أبناء الجزيرة، لتكوين جبهة موحّدة أثناء التفاوض مع الحكومة.

تتشابه ظروف تكوين مبادرة تراث مصر الجديدة واللجنة الشعبية لميت عقبة من حيث توقيت التأسيس، فالمبادرتين تم تأسيسهم في 2011 عقب الثورة، تلك الفترة التي توفّرت فيها مساحة استماع لدى الجهات الحكومية للمطالب الشعبيّة بشكل عام. وهو ما ظهر في بعض من نتائج عمل تلك المبادرات مع الجهات التنفيذية المختلفة من خلال الاستجابة لتوصيات تلك المبادرات خصوصًا في بداية تأسيسها. مساحة الاستماع تلك بدأت في الانكماش تدريجيًا في السنوات التالية للثورة، وأصبح تفاعل الجهات الحكومية مبنيًا على امتصاص الغضب والمماطلة وإطلاق الوعود في أحسن الأحوال. وهذا ما ظهر بوضوح خلال المشروعات المروريّة التي يتم تنفيذها حاليًا في مصر الجديدة، التي استمرت الحكومة في تنفيذها على الرغم من الرفض الواسع والواضح لها.

يختلف أسلوب حياة السكّان وبالتالي احتياجاتهم باختلاف مناطقهم، ووجود كيانات يجتمع من خلالها السكان لمناقشة مشاكلهم المشتركة ومحاولة تصور حلول لها وصياغة أهداف التطوير في مناطقهم مهمّ للغاية، في ظل المشكلات المعقّدة التي تعاني منها المدينة المصرية، وخصوصًا في اللحظة الحالية التي تُظهِر بشكل واضح أن المواطن الذي تصمّم من أجله الحكومة عمرانيًا هو مواطن واحد وقالب واحد عليه ان يستجيب لذلك التصميم او التخطيط دون مراعاة وجود احتياجات مختلفة لسكان مختلفة يعيشون ظروفًا مختلفة ولهم متطلبات مختلفة. يظهر ذلك بوضوح خلال مشروعات المدن الجديدة التي نفذتها الحكومة خلال العقود الماضية. وبالإضافة إلى ذلك فإن الدولة تعطي الأولوية للمشروعات المرورية التي تهدف إلى خدمة حركة السيارات، من بناء الكباري وتوسعة الطرق، وتجاهل أهدافًا أهم مثل الحفاظ على خصوصيّة المنطقة وتسهيل حركة المشاة بداخلها والاستجابة لأسلوب معيشة سكانها. بالإضافة إلى الاتجاه العام لدى الدولة في إقامة مشروعات استثمارية تحقق مكاسب مادية لها دون النظر إلى أية عوامل أخرى. ومما لا شك فيه أن وجود مثل تلك الكيانات أساسي لتقوية الموقف التفاوضيّ بين المجتمعات والدولة عند تفاوضها على مطالبها. وهو ما ظهر في مفاوضات مبادرة تراث مصر الجديدة مع شركة مصر الجديدة (إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال) المالكة لحديقة الميريلاند أثناء مشروع تطوير الحديقة. فالمبادرة قامت بالاجتماع مع القائمين على المشروع، وقدمت توصيات للتصميم الجديد للحديقة (صورة 8) قامت الشركة بتنفيذ جزءًا كبيرًا منها .

صورة (8) – التوصيات التي قدمتها مبادرة تراث مصر الجديدة أثناء مشروع تطوير حديقة الميريلاند

إن الطريق طويل للوصول لمشاركة شعبية فعّالة بعد عقود من التجاهل، ولكن الاستفادة من تجارب مثل تلك المبادرات والروابط هو أمر شديد الأهمية، وكذلك الاستفادة من التجارب المختلفة في هذا الشأن في الدول التي لديها ظروفًا مشابهة، وربما هنا يأتي دورنا كعمرانيّين في التعريف بمثل هذه المبادرات واستخراج الدروس المستفادة منها، إلى جانب إيصال خبراتنا التقنيّة والعمليّة والمهنيّة في المجالات العمرانية المختلفة.

عن الكاتب

محمد الملواني هو مهندس معماري وعمراني درس العمارة في كلية الفنون الجميلة، جامعة حلوان. عمل في السابق كباحث عمراني لمدة أربع سنوات في مكتب شهيب كونسالت واشترك في العمل على مشروعات قائمة على البحث في مجالات التطوير والتصميم والتخطيط العمراني في المناطق اللارسمية.

  1. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 29 فبراير 2020، https://www.facebook.com/HeliopolisHeritageInitiative/posts/2916248875094051?__tn__=H-R

  2. تم استبدال عبارة "المجالس الشعبية المحلية" في دستور 2012 الذي تم تعطيل العمل به في 3 يوليو 2013، وكذلك في الدستور الحالي الذي تم إقراره في يناير 2014 إلى "المجالس المحلية"

  3. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/pg/HeliopolisHeritageInitiative/about/?ref=page_internal

  4. تنص المادة 50 من الدستور المصري على: تراث مصر الحضارى والثقافى، المادى والمعنوى، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والادبي والفني بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتولى الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر.

  5. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/pg/HeliopolisHeritageInitiative/posts/?ref=page_internal

  6. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/pg/HeliopolisHeritageInitiative/posts/?ref=page_internal

  7. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/HeliopolisHeritageInitiative/posts/2619260471459561?__tn__=-R

  8. عبدالمعبود، إسلام. " جدل بين سكان مصر الجديدة بسبب إنشاء 5 كبارى ومذبحة الأشجار". الشروق، 23 أغسطس 2019. تمت زيارته في 22 أكتوبر 2019. https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=23082019&id=30b617af-de38-4c9a-8a21-073d3e81a037

  9. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/events/941137886223952/?active_tab=about

  10. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/HeliopolisHeritageInitiative/posts/2619260471459561?__tn__=-R

  11. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/HeliopolisHeritageInitiative/posts/2619260471459561?__tn__=-R

  12. Ibid

  13. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 22 أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/HeliopolisHeritageInitiative/posts/2933927826659489?__tn__=-R

  14. Mohamed Deabes, Mīt `Uqba Popular Committee, YouTube video, 23:26, CUGP Files, June 29, 2013, https://www.youtube.com/watch?v=vjQoGdMt8YU

  15. الإنترلوك هو نوع من البلاط يتم رصه بطريقة التعشيق دون الحاجة للزقه بالأسمنت أو أي مادة لاصقة، ويتميز بإمكانية خلعه بسهولة لعمل أية أعمال حفر ثم إعادة رصّه مرة أخرى.

  16. تضامن، تبليط الشوارع بميت عقبة، www.tadamun.co. http://www.tadamun.co/?post_type=initiative&p=2422#.Xa9E5-gzZPY (تمت زيارته بتاريخ 22 أكتوبر 2019)

  17. مجموعة #لالابراجزايد على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 29 فبراير 2020، https://www.facebook.com/groups/2079988442291566/

  18. Ibid

  19. صفحة تراث مصر الجديدة Heliopolis Heritage Initiative على فيسبوك، تمت زيارتها بتاريخ 29 فبراير 2020، https://www.facebook.com/336418179743813/videos/1710367442348873/

قراءات ذات صلة

Previous
Previous

Highway Mania: Snapshots of Cairo’s Sociopolitical Contradictions

Next
Next

في رحاب الحكاية المعماريّة: قصّة مشربيّة