الساحات و حقوق التجمع

في سياق الصراع الطويل والتحولات السياسية والعمرانية التي شهدتها سوريا، تبرز الساحات العامة والفراغات المشتركة كمساحات حيوية تُجسّد فيها الذاكرة الجمعية، ويتشكّل من خلالها الوعي السياسي والاجتماعي. لم تكن هذه الفراغات يومًا حيادية، بل كانت دائمًا مواضع مشحونة بالمعاني، يتقاطع فيها ما هو مادي بما هو رمزي، وما هو يومي بما هو سياسي. في مدينة دمشق على وجه الخصوص، يكشف تاريخ الفراغات العامة عن تحوّلات كاشفة: من فضاءات اجتماعية وتجارية في النسيج التقليدي، إلى ساحات للعرض السلطوي والاستعراض الأيديولوجي في ظل الحكمين الاستعماري والشمولي، ثم إلى مساحات للمطالبة بالحقوق خلال لحظات الانتفاض والثورة

هذه التحولات لا تقتصر على البنية الفيزيائية للمكان، بل تمتد إلى وظيفته الاجتماعية والسياسية، وإلى طبيعة العلاقات التي يتيحها أو يقمعها. لقد ساهمت الأنظمة الشمولية في تفريغ الساحات من بعدها التشاركي، وتحوّلت إلى أدوات للضبط والرقابة، ما قاد إلى تراجع الفعل المدني، وأثر سلبًا على النسيج الاجتماعي بأكمله

في هذا الإطار، يصبح استرداد الفراغ العام بعد النزاع ضرورة تتجاوز إعادة البناء العمراني نحو إعادة تأسيس المجال العام كحيز مفتوح للظهور والمشاركة. مفاهيم مثل “الحق في المدينة”، و”الفاعلية المكانية”، و”المشاع الحضري” تُشكّل أسسًا لهذا الاسترداد. وتقدّم تجارب مدن مثل بيروت وبغداد وتيرانا وكيب تاون نماذج ملهمة لاستعادة المجال العام بعد فترات من الانقسام أو القمع، حيث لا يقتصر دور المعماريين والمخططين على التصميم، بل يمتد إلى تمكين المجتمعات من امتلاك مدنهم وصياغة فضاءاتهم بشكل تشاركي، عادل، ومتجذر في واقعهم

ملخص محتويات “استرداد العمران – الساحات العامة وحقوق التجمع”

مقدمة: أهمية الساحات العامة في تشكيل الحياة المدنية والسياسية، والحاجة لاستعادتها بعد عقود من السيطرة والقمع

مفاهيم نظرية: المجال العام، الفاعلية المكانية، الحق في المدينة، المشاع الحضري، وصناعة المكان

. قراءة تاريخية لدمشق: العهد العثماني، الانتداب الفرنسي، مرحلة الاستقلال، حكم البعث، وثورة 2011

الواقع الراهن (2011–2024): تأثير النزاع على الساحات، عسكرة الفضاء، وظهور استجابات مدنية بديلة رغم القمع

دراسات مقارنة: أمثلة من بيروت، بغداد، تيرانا، وكيب تاون توضح نماذج استعادة الفراغ العام بعد الأزمات

استراتيجيات الاسترداد: دعوة لدور تمكيني وتشاركي للمعماريين، وحماية الفراغات من الإقصاء والاستغلال التجاري

توصيات وملاحق: أدوات من الأمم المتحدة للتخطيط، التقييم، والإدارة التشاركية للفراغات العامة

هدى فنصة : باحثة عمرانية وصانعة محتوى تستخدم الصوت والثقافة والبحث لرواية حكايات المدن. شغوفة بالسلوك البشري والذاكرة وتأثير المكان. تحمل ماجستير في التخطيط من أجل التنمية، والتنمية الحضرية المستدامة.

آلاء الشرفاوي الجزائري :باحثة أكاديمية في مجال الدراسات الحضرية، متخصصة في العمران المستدام بجامعة أوساكا. تتركز اهتماماتها على المورفولوجيا الحضرية والمناطق الخضراء والعدالة الاجتماعية، وتمتد خبرتها البحثية لتشمل سوريا وتركيا واليابان.

فراس حواصلي: باحث أكاديمي في جامعة أكيتا باليابان، مختص بالتصميم المستدام للإنشاءات الخشبية. يحمل الدكتوراه في العمارة من جامعة طوكيو، ولديه خبرة بحثية في تاريخ دمشق العمراني، وخبرة تدريسية في الجامعات السورية.\