وسام العسلي- ملهم خربطلي- جويل ديب

البيئة و المصادر المحلية

في سياق العلاقة بين البيئة والعمران في سوريا، تبرز ثلاثية مترابطة لا يمكن فصلها: البيئة، الثقافة، والعمران، بوصفها مكونات أساسية في أي مقاربة معمارية عادلة ومستدامة. أسفرت سنوات النزاع والتخطيط المركزي عن تدهور ممنهج للموارد الطبيعية، وقطع الصلة بين المجتمعات ومعارفها المتجذرة، مما عمّق الفجوة بين السكان وبيئاتهم المباشرة. لم يكن هذا التدهور عرضًا طارئًا، بل نتيجة تراكمية لسياسات الإهمال والاستغلال، في ظل تصاعد التغير المناخي، ونضوب المياه، وانهيار النظم الزراعية، واندثار الحرف التي كانت أساسًا للعمارة المناخية في سوريا

يتقاطع البعد البيئي مع مفاهيم العدالة والسلطة، حيث تكشف العلاقة بين العمران والسياسات عن امتدادات للاستعمار البيئي والاستشراق المعماري. لطالما رُوّج لأنماط إنتاج عمراني حديثة على حساب المعرفة المحلية، وتم تهميش مواد كالطين والحجر والخشب لصالح بدائل مستوردة، بينما جرى اختزال العمارة التقليدية في صور نمطية باعتبارها بدائية. في المقابل، يكشف التاريخ المعماري المحلي عن قدرة عالية على التكيف والابتكار، تستحق إعادة الاعتبار لا الإلغاء.

تُبرز التجارب الميدانية، كما في مبادرات البناء بالطين في شمال سوريا، أهمية استعادة المعارف البيئية المتوارثة وتوثيقها، وتعزيز مشاركة المجتمعات في الإعمار. يتطلب ذلك دعم البحث المحلي، وإعادة تأهيل الموارد، وربط التخطيط بالخصوصيات البيئية والثقافية. إدماج هذه الأبعاد في السياسات العمرانية يشكّل ضرورة استراتيجية لإنتاج عمران أكثر عدالة ومرونة، قادر على الاستمرار ومواجهة الأزمات، انطلاقًا من المعرفة المتجذرة بوصفها أساسًا للسيادة البيئية والثقافية.

ملخص محتويات “عن العمارة والبيئة – البعد المنسي في إعادة الإعمار”

. مقدمة عامة: ربط التحولات العمرانية في سوريا بالموارد البيئية والثقافة المحلية، وبيان أثر النزاع على هذه العلاقة.

. مصطلحات ومفاهيم أساسية: العدالة البيئية، الحق بالمصادر، الاستعمار البيئي، الإمبريالية البيئية، الإبادة البيئية، النزوح البيئي، والاستدامة البيئية.

. أطر نظرية بيئية: العدالة البيئية (بولارد)، الاستعمار البيئي (نيكسون، كروسبي)، والاستشراق البيئي (سعيد، ميتشل، إسكوبار، سيمبسون).

. تشخيص الواقع السوري: تحليل مظاهر الأزمة مثل: نقص الموارد، التغير المناخي، تدهور الحرف التقليدية، ضعف إدارة الموارد، القطيعة بين الناس وبيئاتهم، وتهميش المعرفة المتجذرة.

. أمثلة وتجارب عملية: توثيق دراسات عن البيوت الطينية والحرف التقليدية، مبادرات بناء محلية في سياق النزوح.

. ورقة عمل تطبيقية:  توثيق المعارف، دعم البحث المجتمعي، إعادة تأهيل الموارد في الريف، إشراك المجتمعات في التخطيط والإعمار

. دور المؤسسات المعنية: تحديد مسؤوليات الجهات الحكومية في حماية البيئة والموارد ودمجها ضمن سياسات الإعمار.

. ما يمكن فعله فرديًا وجماعيًا: التوثيق، التعلّم، المشاركة، تنظيم الورش، والمبادرات المجتمعية لدعم العمارة البيئية والمعرفة المحلي

وسام العسلي

في اسبانيا IE هو معماري وباحث وأستاذ مساعد في كلية العمارة والتصميم بجامعة

يركّز في عمله على تاريخ الإنشاء ودمج الحرف التقليدية مع تقنيات التصنيع الحديثة والمواد الطبيعية. حاز على درجة الدكتوراه من جامعة كامبردج

التدريبية في اسبانياCERCAA و مؤسسة IWLab وهو مؤسس مشارك لـمختبر

ملهم خربوطلي

معماري، حاصل على ماجستير في الحفاظ المعماري من جامعة نوتردام، ومؤسس استديو مطمار

Previous
Previous

التراث و العمارة