ياسر بطيخة - ديمة ديوب

التراث و العمارة

في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا، يُطرح التراث كأداة نقدية لإعادة النظر في علاقة المجتمع بماضيه ومبانيه، بعيدًا عن الفهم السائد الذي يختزل التراث في ممارسات نخبوية أو رمزية جامدة. لا يقتصر التراث على الآثار والمباني القديمة، بل يشمل الحياة اليومية، الذاكرة الجمعية، والبيئة المبنية بمعناها الأوسع. في هذا السياق، علينا إعادة تقييم المفاهيم الغربية المهيمنة، مثل الأصالة والثبات والنصب التذكاري، والتي شكلت أساس خطاب التراث العالمي، وفرضت تعريفات خارجية لا تتناسب مع السياق السوري الثقافي والسياسي. في المقابل، يُطرح “التراث الحي” و”التراث النقدي” كمقاربات بديلة، ترى في التراث عملية اجتماعية متغيرة قابلة للتفاوض، ومصدرًا لإعادة بناء المدينة بطريقة أكثر عدلاً وارتباطًا بالناس.

في الحالة السورية، أدى النزاع إلى تدمير كبير للمواقع التراثية، وإهمال النسيج الحي الذي يحتوي على الممارسات والعلاقات الاجتماعية اليومية. كما تعاني المؤسسات من ضعف تشريعي وبيروقراطي، في حين تستمر سياسات الإقصاء والتجميل على حساب المعاني المحلية. هذه دعوة إلى توثيق وتفعيل التراث من القاعدة الثقافية والشعبية له، من خلال إشراك المجتمعات، ودعم التعليم، والبحث، والممارسات الميدانية، مع التأكيد على أن استرداد التراث لا يكون بتمجيد الماضي، بل بربطه بالحاضر وتطلعات المستقبل. في هذا السياق، يصبح التراث أداة لإعادة تعريفالهوية والذاكرة والمكان، وليس مجرد إرث

مادي يجب صونه، بل ممارسة حية تُنتج من جديد ضمن مشروع مديني أكثر شمولًا

ملخص محتويات “عن التراث والعمارة – استرداد العمران”

مقدمة: نقد للمفاهيم السائدة حول التراث في سوريا والدعوة لإطار محلي بديل، يربط التراث بالهوية الجمعية.

مفاهيم نظرية: تحليل لمفاهيم الأصالة، الثبات، والنصب التذكاري، وتفكيك الخطاب السلطوي للتراث

نقد الخطابات السائدة: توضيح تأثير النظريات الغربية، مثل خطاب اليونسكو وإيكوموس، على فهم التراث في العالم العربي

التراث والهوية: التركيز على العلاقة بين التراث والهوية، والتمييز بين التراث المادي واللامادي، ودور المجتمعات المحلية في إنتاج المعنى واستمرارية المكان

تشخيص الواقع السوري: عرض للدمار المادي، ضعف السياسات والمؤسسات، إهمال النسيج الحي، وأمثلة على التدمير المنهجي أو الاستبعاد مثل حالة تدمر وسوق الحرف في دمشق

مقاربات بديلة: الدعوة لإعادة تعريف التراث من منظور محلي ومرن، يتضمن التراث الحديث، ويعيد الاعتبار للممارسات اليومية المرتبطة بالمكان.

أدوات وتوصيات عملية: تشمل التوثيق، الأرشفة، إشراك المجتمعات، التعليم، وتحسين السياسات، بالإضافة إلى مراجعة الأدوار المؤسسية وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية.

دراسات حالة وأسئلة مفتوحة: استعراض أمثلة محلية مثل حلب وتدمر، وطرح أسئلة حول التعامل مع المباني غير المصنفة، تطوير أدوات جديدة لإدارة التراث، وتوسيع تعريفاته

ياسر بطيخة
خبير في التراث المعماري ومقيم في إدنبرة، المملكة المتحدة. يركز على إعادة تأهيل العمارة التقليدية بشكل مستدام، ويدير مركز المهارات والابتكار في التحديث المستدام لدى هيئة البيئة التاريخية في اسكتلندا

ديمة ديوب
مهندسة معمارية تعمل مع جمعية أصدقاء متحف الفن الإسلامي في برلين على توثيق وإحياء العمارة التقليدية في مدينة حلب من خلال عدة مشاريع بحثية وعملية. وتشغل حالياً منصب منسقة مشروع ترميم بيت وكيل، الذي يهدف إلى إحياء حرف البناء التقليدية في حلب.

Previous
Previous

بين الفاجعة و الذاكرة

Next
Next

البيئة و المصادر المحلية